الاثنين، 10 مايو 2010

ذات مرة ..(3)

(3)

ما اكتبه هنا سيظل بيني وبينك سرا ......
.................................................. ....
جلست بالقرب مني وأمرتي كعادتها ... وكعادتي سمعا وطاعة ....
- إجلس... أغمض عينيك وضع يدك هنا ...
شعرت بأنفاسي تتسارع ..ثم فجأة توقفت ..
وكأن صدري مدرج وكأن انفاسي طائرة في لحظات هبوطها واحاسيسي مكابح ...

شعرت بها اقرب مني إلى مني .. انفاسها وعطرها والقشعريرة ...

مرت ثواني التوهان ساعة وانا بين الحلم والحقيقة...

شعرت باناملها تلامس اطراف يدي ..
شعرت بشيء.. وضعته في يدي ..
ثم امرتني ان افتح عيني اليمنى .. ثم اليسرى .. وياللدهشة ......
ورقة من فئة الخمسة وعشرون قرشا ... .. تتلاصف فيها صورة جعفر نميري دافئة ..كانها صنعت الآن ..
صرخت بأعلى صوتي ..( طرادة ..)

.......................................
الشمس يومها ذهبية اللون ... دافئة تميل إلى الأرض ويخرج شعاعها من بين النخلات ....
كنت طالبا بمدرستي الإبتدائية وكانت هي ...
جاء اساتذنا يحمل البشارة .
. اعطاها جنيها واعطاني طرادة ... كنت انا الأول على مدرستي وكان ترتيها هي الثالث ...
ذهب الأستاذ وتركها تمد لسانها في وجهي ...
إمتلأت غضبا .. مسكت يدها .. ووضعت داخلها (الطرادة ) وذهبت انعل استاذي ونجاحي ومدرستي الإبتدائية ....
...........................
انظر الأن إلى الطرادة .....
- ياااه .. سبعة وعشرون عاما ...
- سبعة وعشرون عاما وانت معي ..
- انا لم اكن معك .. كان معك (جعفر)
صمتت لحظات .. ثم بدأت وكانها تستدرك ..

بعد ان وضعتها في يدي .. وضعتها في قلب كتابي وضعت كتابي في دولابي ..
تزوجت فوضعتها بين ملابسي واشيائي الخاصة .....
رحلت بعيدا وكنت احس بك مدفونا وملفوفا بين طيات عمامة النميري ...
جاءت الإنتفاضة وذهب نميري .. فجلست وحدي ابكي ... ابكي لان الطرادة لم تعد لها قيمة ....
- وانا ..؟
- وانت كذلك ..

عزيزتي :
سؤال يحيرني ..
.. وطالما انك لم تحبينني فلماذا إحتفظتي بي ..؟
- ومن قال لك ..؟
- انتي
- دعني اشرح لك امرا ..

كل البنات في مرحلة ما من العمر يكونن في حوجة ماسة لرجل يتباهن به .. وانت كنت رجلي ..
كنت اكثر شباب القرية حضورا واناقة ورجولة .. وكنت انا اكثر البنات تباهي ..
لم تكن يوما امنياتي ..
ولهذا اخترت العمامة وذهبت ابني احلامي بعيدا عن انفاسك الدافئة ...
ولكني بعد سنوات من السفر الطويل ..اكتشفت شيئا ..
اكتشفت انك تلاحقني حتى في منامي ..
فقررت ان اعيد لك الطرادة .. .....

ماذا افعل بها ..؟
تلاحقني ذكرياتي ..
ماذا افعل بذكرياتي ...
الآن احاول جاهدةان ابكي ...
ولكن صورتي والغروب والشمس والنخلات تحتشد اما عيني .. فإبتسم ...


نظرت إليها ..ولكنها امرتني مرة أخرى :

- ما فعلته بي سيظل سرا ..... ماتكتبه هنا سيظل بيني وبينك سرا ...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق